الرفاق الاعزاء في مجموعة العمل للأحزاب الشيوعية والعمالية
تحية رفاقية؛
نقدم لكم رؤية الحزب الشيوعي السوري الموحد للتطورات الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية ونتمنى لهذا الاجتماع النجاح الكامل.
يمر النظام العالمي بمرحلة معقدة من إعادة البناء، يكمن جوهرها في أن العلاقات الدولية بدأت تتسم بطابع متعدد المراكز بعد مرحلة "الحرب الباردة"والثنائية القطبية وما تلاها من محاولات لإرساء زعامة دولة عظمى واحدة تتفرد بإدارة العالم
في هذا البناء العالمي الجديد والمتنوع لا يسعى إلى إثبات نفوذه في مركز قوة وحيد، بل تسعى إلى ذلك مراكز عديدة تكتسب في البداية قدرة اقتصادية ومن ثم سياسية، ومن ثم عسكرية، وتعدد الأقطاب صار واقعاً سياسياً جديداً. ولكن تشكل نوع جديد من البناء العالمي مشروط بانتهاء منظومة القطبية الأحادية. ومن الواضح أن هذه العملية تمر بمخاض عسير وصراع مرير، ولا أحد يعرف كم سيستمر هذا المخاض بكل آلامه، لكون الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى إطالة عمر زعامتها، مستخدمة كافة الوسائل والأساليب، بما فيها تدخلها في الشؤون الداخلية للدول والأقاليم وتعمل على وتعمل على نشر الفوضى على الصعيد العالمي بهدف توسيع دائرة سيطرتها، مستندة بذلك إلى تفوقها الاقتصادي (الناتج عن استغلالها للدول الاخرى) والعسكري وتطور تكنولوجيا البرمجة والاتصالات، وضاربة بعرض الحائط الشرائع والقوانين الدولية والمبادئ الأساسية لنظام هيئة الأمم المتحدة (مثل سيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها) مستخدمة آليات الضغط المالي والسياسي والعسكري والدعائي والإعلامي للتدخل في شؤون الدول الأخرى بذرائع وحجج مختلفة، وتحت يافطات وشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وهذا يعني أن معاناة العالم قد تستمر طويلاً لأن نهج الولايات المتحدة وحلفائها القائم على حل مشكلاتهم الخاصة من خلال التدخل في شؤون الدول الأخرى يحمل مخاطر كبيرة، ويتوافق مع زيادة النزاعات على أرضية إثنية وطائفية ومع نمو الأمزجة القومية المتشددة، والحركات الدينية المتطرفة، وزعزعة استقرار مناطق كاملة... فالولايات المتحدة في سعيها المحموم إلى إيقاف أو كبح عملية التشكل الموضوعي للنظام العالمي الجديد الذي يمليه التطور التاريخي، سوف تزيد من نشاطها في مجال زعزعة استقرار الأوضاع الداخلية في بلدان مختلفة لأنها ترى في ذلك الفرصة الوحيدة "للحفاظ"على تفوقها، مستخدمة في ذلك كافة الوسائل بدءاً من الضغوط المالية والحصار الاقتصادي وصولاً إلى العدوان العسكري المباشر. بغض النظر عن قرارات مجلس الأمن ومن خارج المؤسسات الدولية مثلما جرى مع عدة دول مثل العراق... ليبيا... سورية وغيرها. حيث تقوم الولايات المتحدة بإطلاق التهم الكاذبة على نظام الحكم في البلد المستهدف مثل الاتهام بامتلاك السلاح الكيماوي، أو خرق حقوق الإنسان، الخ... ثم تقوم وبقرار منفرد منها بمعاقبة هذا البلد بعد أن تكون قد شوهت سمعة النظام فيه، وهيئت الاجراء من خلال التلاعب بالاستياء الاجتماعي في هذا البلد. ففي الدول التي حدثت فيها اضطرابات جدية، والتي سارع الغرب لسبب ما إلى وصفها "بالربيع العربي". وكذلك في أوكرانيا، خرج الناس في البداية إلى الشوارع تعبيراً عن الاستياء من سياسات حكوماتهم الاجتماعية والاقتصادية بيد أن هذه الاحتجاجات الشعبية سرعان ما وجدت نفسها تحت الرقابة وممولة وموجهة في الوجهة اللازمة. كما حدث ذلك في ليبيا وسورية. وكذلك بالتلاعب بالوعي الاجتماعي باستخدام أسلوب تغيير المفاهيم تبعاً للأوضاع. أو من خلال استغلال أحداث مأساوية متفرقة بهدف تسخين الخلفية الإعلامية وتشويه سمعة الجهة غير المرغوب فيها.
هذه بعض الأساليب التي تستخدمها الولايات المتحدة من أجل زعزعة الأوضاع في دول متفرقة، و هذا صبغ الوضع الدولي الراهن بالسمات التالية:
مع كل هذا، تظل واشنطن مدركة أين التناقض الرئيسي ضدها كقطب أوحد للعالم، أنه الصين، لذلك ومنذ إدارة أوباما بدأت تنزاح عن منطقة الشرق الأوسط نحو الشرق الأقصى لمجابهة الصين التي يراها الأميركان التهديد الرئيسي لهم.
وإننا في الحزب الشيوعي السوري الموحد نرى
نجم الدين الخريط
الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد
دمشق
5/12/2021