14 IMCWP, Contribution of the Syrian Communist Party (Unified) [Ar.]

11/25/12, 2:00 AM
  • Syria, Syrian Communist Party (Unified) IMCWP Ar
http://www.syrcomparty.org , mailto:scp@scs-net.org



الحزب الشيوعي السوري (الموحد)

(اللقاء ال14 للأحزاب الشيوعية والعمالية – بيروت)

تحية رفاقية؛

أيها الرفاق الاعزاء ممثلو الاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية يسرني أن أنقل إليكم تحيات الشيوعيين السوريين وتمنياتهم في أن يتم الاستفادة من هذه الاجتماعات السنوية إلى أقصى حد ممكن. فالمشاكل العالمية تتعقد أكثر فأكثر، والزمن لا يرحم وعلى الشيوعيين في العالم أن ينهضوا ثانيةً لاستعادة ما فقدوه وإعادة البناء على أسس متطورة دوماً. وتثبت تجربة العشرين عاماً الماضية وجود إمكانية حقيقية لذلك. فالرأسمالية تتأزم رغم أنها مازالت تملك إمكانيات السيطرة، لكن الشعوب تنتفض، إما على أساس المسألة الوطنية أو على الاساس الطبقي الاجتماعي وهما عنصران مكملين لبعضهما البعض.

ويبدو أن من المفيد لحركتنا، ليس تكثيف لقاءاتها فحسب، بل عقد لقاءات على أساس قاري، حيث تكون معاناة الشعوب متقاربة وطبيعة المرحلة التي تمر بها متقاربة أيضاً.

إن مهمات كثيرة تنتظرنا إذ ما أردنا للحركة الشيوعية العالمية أن تتقدم، ومن أهمها المجال الفكري، الايديولوجي، التي لا تركز عليها اجتماعاتنا السنوية، بمافيه الكفاية، ويجب ألا نخشى من وجود بعض الاجتهادات والتفسيرات المتنوعة في هذه القضية أو تلك، طالما أن أسس الماركسية اللينينية تجمعنا، وعلى الأخص منهجها الجدلي، الذي هو مفتاح فهم الظواهر الاجتماعية بجوانبها المتعددة.

ماكان يجري في الماضي، في حركتنا، هو التركيز على فهم الظواهر الاجتماعية من زاوية التجربة الاوروبية التي لايمكن الاكتفاء بالقياس عليها لتفسير الظواهر المتعددة في البلدان المتخلفة. ونرى بذلك جهود أكبر من جانبنا، بالدرجة الاولى شيوعيو الشرق، لتحليل الاوضاع فيها وفق منهجنا الجدلي الماركسي وصياغة مهامهم على ضوئها.

إن الأمر الأساسي هو تحديد طبيعة المرحلة التاريخية التي تمر بها الشعوب والطبقات الاجتماعية المكونة لها. وهنا قد يكون الخطأ مدمراً إن بعض الماركسيين ،وخاصة في الغرب، يعتقدون أن العولمة قد اكتسحت العالم ووحدته، أي جعلته سوقاً واحداً بالفعل، وبالتالي لم يعد ثمة مجال للسيادة الوطنية أو للدول الوطنية المستقلة. وفي ظل هذا الرأي يتم طمس واحدة من أهم الظواهر العالمية المعاصرة وهي تزايد النهب الامبريالي لبلدان العالم الثالث، وفي ظل هذا الرأي أيضاً مستِغلاً كان أم مستّغلاً. وفي ظل فلسفة سطحية من هذا النوع، يُطمس الصراع الطبقي المباشر المستفحل في داخل كل بلد، أو الصراع الطبقي على مستوى عالمي المتمثل بالهمجية الامبريالية، وبحركات التحرر الوطني المناهضة لها. وهي الفلسفة التي يتبناها بعض من يسمون أنفسهم بالاشتراكيين ومنهم "اشتراكيو فرنسا" الذين يقفون على رأس الحملات الاستعمارية على شعوب البلدان النامية، ومنها سورية.

التناقض الاساسي الذي تعيشه الشعوب العربية اليوم، وهي ماتزال في مرحلة التحرر الوطني، هو التناقض بين الهيمنة الامبريالية على ثروات المنطقة، والتي تمارسها من خلال اسرائيل وعدوانيتها وتوسعيتها، ومن خلال حكام دول الخليج، وبين حركة التحرر الوطني العربية الطامحة إلى تحرير أراضيها من الاحتلال الكولونيالي والافلات من دائرة التخلف والتبعية.

إن قوى هذه الحركة تعيش أزمة حادة. لقد استغلت عشرات البلدان في أسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية من الاستعمار الكولونيالي بعد الحرب العالمية الثانية بفضل نضالات شعوبها وبمساعدة الاتحاد السوفييتي وبلدان المعسكر الاشتراكي. وبنت تجارب جديدة وهامة في ميدان التحرر الاقتصادي وحاول بعضها الخروج من دائرة الطريق الرأسمالي للتطور، لكن هذه التجارب معظمها قد فشل أو انحرف عن الطريق، حتى قبل انهيار المعسكر الاشتراكي، وذلك لأسباب عدة، منها أن البعض كان يعتقد أن مجرد استلام السلطة من قبل حزب الطليعة يلغي ضرورة وجود أحزاب أخرى، أو الاستفادة من الامكانيات التي تتيحها الديمقراطية السياسية، وقد أدت وحدانية السلطة والاستئثار بالعمل السياسي إلى عزلة الحزب الطليعي عن الجماهير والتستر على أخطائه وبروز فئة مستفيدة من غياب الرقابة الجماهيرية على السلطة وتحولت مع الزمن إلى فئة برجوازية بيروقراطية مالبث قسم منها أن تحالف مع الطبقات الرأسمالية والاقطاعية وتكون منها تحالف جديد أطبق على السلطة، فانفضت عنه الجماهير. وهذه الانظمة حاولت المزاوجة بين اتجاه الاستقلال الاقتصادي و التنمية التي سارت عليها وبين الاستناد إلى الفئات البرجوازية الطفيلية الجديدة التي سعت إلى تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد ريعي فقاعي فأدى إلى الوقوع بأشكال مختلفة في ظل التبعية من جديد للنظام الامبريالي العالمي، وإلى تدهور أحوال الجماهير الشعبية.

وبرزت اتجاهات وانظمة وطنية أخرى تستخف بالمسألة الوطنية أو القومية بداعي أولوية الصراع الطبقي، دون أن يعلموا أن معارك التحرر الوطني ضد الامبريالية هي أعلى شكل من أشكال الصراع الطبقي لأنها تؤدي إلى حرمان المراكز الامبريالية الأم، من التراكم الرأسمالي الذي يستمد عناصره من نهب ثروات البلدان المتخلفة، وتكريسها كمسستهلك للمواد المصنعة في الغرب.

فإن أزمة التحرر الوطني العربية، وإذا أردنا الدقة، أزمة قيادة هذه الحركة، تدور حول مواقف خاطئة أو قاصرة في أهم ثلاث مسائل وهي المسألة الوطنية والمسألة الاجتماعية الطبقية والمسألة الديمقراطية. والعلاقات الجدلية القائمة بينها.

فلا يمكن التصور مثلاً أن يدور النضال من أجل الديمقراطية في بلد محتلة أراضيه من قبل الاستعمار الكولونيالي، فالديمقراطية والاحتلال لايلتقيان أبداً. كما لايمكن بعد كل التجارب التي مرت بها لاشعوب، وبعد انتشار وسائل الاتصال العالمية التقنية، أن تتكرر تجربة الحزب الواحد، إذ لا نرى أن التعددية الحزبية تتناقض مع الفكر الاشتراكي العلمي، كما أن تعدد الطبقات وعدم تجانسها والتركيب الاجتماعي الهيولي في البلدان النامية يتطلب وجود الاحزاب المتعددة والاستفادة من كافة أشكال النضال الديمقراطي السياسي.

إن جوهر التناقضات المتفجرة في منطقة الشرق الاوسط تدور حول هذه المسائل الثلاث (الوطنية والاجتماعية والديمقراطية) ذات الصلة المباشرة والعميقة بنضال شعوب المنطقة ضد الهيمنة والنهب الامبريالي ومن أجل التقدم الاجتماعي وتطوير القوى المنتجة.

إن أي خلل في التوازن وفي التفاعل الديالكتيكي الجدلي فيما بينها يؤدي إلى أوخم العواقب على نضال هذه الشعوب. وقد أدرك حزبنا هذه المسألة إدراكاً صارماً، وجعل شعار مؤتمره الحادي عشر في العام الماضي 2011 يقوم على الثلاث:

حماية الوطن – مصالح الجماهير – الديمقراطية، وهو يحدد موقفه من الاحداث الجارية في البلاد على هذه الأسس.

إن من أهم المسائل التي أوصلت البلاد إلى الأزمة الدموية التي نعيشها الآن، وهي عدم احترام هذه الأسس من قبل نظام الحكم السائد في البلاد، والذي سمح للقوى الرجعية والظلامية المرتبطة بالخارج الاستعماري باستغلال الموقف وتجييش الحركات المطلبية وتحويلها إلى نزاع مسلح حرم البلاد من امكانية التطور السلمي وتطبيق الاصلاحات وإعاقة انتقالها إلى نظام ديمقراطي يعزز الموقف الوطني للبلاد. وهو محط تركيز ومقاومة الامبرياليين الرجعيين له.

لقد تم الاخلال بالمسألة الديمقراطية في سورية، وكما أعلن حزبنا منذ بداية الأزمة أن الصيغة السياسية التي تحكم بها البلاد لم تعد تتجاوب مع متطلبات التنمية واحتياجات التطور، ولا بد من إلغاء المادة الثامنة من الدستور الذي كان معمولاً به الذي يكرس مبدأ وحدانية الحزب الحاكم، وكذلك لابد من اطلاق الحريات الديمقراطية بكافة أشكالها. كما تم الإخلال بالمطالب المعيشية للجماهير ومحاربة الفساد وعدم الانجرار وراء وعود صناديق النقد الدولية وبدأ التحول نحو اقتصاد السوق الحر وإلغاء المكتسبات الاجتماعية للجماهير. إن الخلل الذي لحق بالمسألتين الديمقراطية والاجتماعية قد شكل تربة صالحة للاستغلال من قبل الدوائر الامبريالية التي تريد معاقبة سورية على خطها الوطني والقومي المطالب باستعادة الجولان السوري المحتل وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في بناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس. فقد برزت قوى سلفية ووهابية وعشرات التنظيمات التكفيرية التي تريد العودة بالبلاد إلى ماقبل 1400 عام، وسُلحت بأحدث الاسلحة، وأُعلنت سورية ساحة للجهاد، وتدفق عليها إثر ذلك ألوف الجهاديين من مختلف أنحاء العالم ليقاتلوا ويحطموا ليس فقط النظام السياسي بل الدولة السورية ذاتها وتقسيمها على أساس طائفي.

لقد تطور الصراع في سورية من صراع دموي داخلي إلى معركة ذات بُعد اقليمي دولي أمام التدخلات الاستعمارية المفضوحة ومحاولتها غزو سورية على الطريقتين العراقية والليبية. لكن صمود سورية وتحالفاتها الاقليمية والدولية ماتزالان عقبة أساسية أمام هذا الغزو المحتمل.

في هذه الظروف ونحن مجتمعون يتعرض قطاع غزة لحرب شرسة يشنها الجيش الاسرائيلي، مستهدفاً المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ... لكن المقاومة الفلسطينية الباسلة حولت عدوان الجيش العنصري إلى كابوس مرعب، فدكت المدن الاسرائيلية بمئات الصواريخ التي أثارت الفزع في قلوب قادة اسرائيل.

إن حزبنا الشيوعي السوري الموحد يدين هذه الحرب البشعة ويدعو شعوبنا العربية وجميع قوى التحرر في العالم إلى فعل جماهيري ملموس وفعال يؤدي إلى إرغام النظم العربية، وخصوصاً النفطية والمالية، لإجبار اسرائيل على تنفيذ القرارات الدولية، المؤكدة لانسحابها من الاراضي العربية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من العودة، وتقرير المصير، وتكوين دولته المستقلة على التراب الفلسطيني.

لقد آن آوان الفعل، فلتتوحد كل الجهود لنصرة غزة وشعبها ومقاوميها، وليوجه كل السلاح إلى صدور الغزاة القتلة ومن يدعمهم.

إن سياسة حزبنا في المرحلة الراهنة تقوم على المبادئ التالية:

1. الدفاع عن الوطن ضد أي عدوان خارجي ووقف النشاط المعادي الذي تمارسه الرجعية التركية الحاكمة على الحدود بين البلدين.

2. وقف العنف والعنف المتبادل.

3. الحوار الوطني الشامل بين كافة الفئات بمن فيها المعارضة الوطنية التي لا تستعين بالخارج.

4. الوصول إلى حل سلمي سياسي لكافة مشاكل البلاد.

5. متابعة الاصلاحات الديمقراطية والاجتماعية.

6. تأمين الامكانيات الضرورية لحل المعضلات الاجتماعية التي نشأت عن استعمال العنف وخاصة مشكلة المهجرين.

أيها الرفاق في الوقت الذي يدعو فيه حزبنا لعزل الارهابيين والمجموعات المسلحة المرتبطة بالخارج، فإنه يدعو إلى توحيد صفوف القوى الوطنية وعلى الأخص قوى اليسار. ونرى أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد تفرض على الحزبين الشيوعيين الموجودين في البلاد ايجاد صيغة متقدمة للتعاون والتحالف فيما بينها.

ونتمنى لمؤتمرنا هذا النجاح

حنين نمر

الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد